فصل: الْإِسْلَامُ وَالْإِيمَانُ وَالْإِحْسَانُ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول (نسخة منقحة)



.الفصل التاسع يجمع معنى حديث جبريل في تعليمنا الدين وأنه ينقسم إلى ثلاث مراتب: الإسلام والإيمان والإحسان. وبيان كل منها:

.الْإِسْلَامُ وَالْإِيمَانُ وَالْإِحْسَانُ:

هَذَا فَصْلٌ يَجْمَعُ مَعْنَى حَدِيثِ جِبْرِيلَ فِي تَعْلِيمِنَا الدِّينَ، وَأَنَّهُ يَنْقَسِمُ إِلَى ثَلَاثِ مَرَاتِبَ: الْإِسْلَامُ وَالْإِيمَانُ وَالْإِحْسَانُ، وَبَيَانُ كُلٍّ مِنْهَا.

.حديث جبريل:

اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْفَصْلَ مُهِمٌّ جِدًّا، جَامِعٌ لِأُصُولِ الدِّينِ وَشَرَائِعِهِ وَمَرَاتِبِهِ وَشُعَبِهِ الْقَوْلِيَّةِ وَالْعَمَلِيَّةِ، وَهُوَ مَعْنَى حَدِيثِ جِبْرِيلَ فِي سُؤَالِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَوَابِهِ إِيَّاهُ، وَهُوَ حَدِيثٌ عَظِيمُ الشَّأْنِ جَلِيلٌ، كَبِيرٌ جَامِعٌ نَافِعٌ، سَمَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا احْتَوَى عَلَيْهِ (الدِّينَ) فَقَالَ: «هَذَا جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ». وَهُوَ حَدِيثٌ مَشْهُورٌ فِي كُتُبِ السُّنَّةِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَأَبُو ذَرٍّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو عَامِرٍ الْأَشْعَرِيُّ وَغَيْرُهُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.
وَهَا نَحْنُ نَذْكُرُ أَحَادِيثَهُمْ بِأَلْفَاظِهَا مَعَ بَيَانِ مُخْرِجِيهَا مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ، ثُمَّ نَتَكَلَّمُ عَلَى الْخِصَالِ الَّتِي فِيهَا عِنْدَ مَوَاضِعِهَا مِنْ هَذَا الْمَتْنِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَهُوَ الْمُسْتَعَانُ وَبِهِ الثِّقَةُ وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.

.الْحَدِيثُ بِهِ عَنْ عُمَرَ:

فَأَمَّا حَدِيثُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي أَوَّلِ جَامِعِهِ:
حَدَّثَنِي أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ كَهْمَسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ (ح) وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ وَهَذَا حَدِيثُهُ: حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا كَهْمَسٍ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ قَالَ: كَانَ أَوَّلُ مَنْ قَالَ فِي الْقَدَرِ بِالْبَصْرَةِ مَعْبَدٌ الْجُهَنِىُّ، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيُّ حَاجَّيْنَ-أَوْ مُعْتَمِرَيْنَ- فَقُلْنَا: لَوْ لَقِينَا أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلْنَاهُ عَمَّا يَقُولُ هَؤُلَاءِ فِي الْقَدَرِ، فَوُفِّقَ لَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا دَاخِلًا الْمَسْجِدَ، فَاكْتَنَفْتُهُ أَنَا وَصَاحِبِي أَحَدُنَا عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرُ عَنْ شِمَالِهِ فَظَنَنْتُ صَاحِبِي سَيَكِلُ الْكَلَامَ إِلَيَّ، فَقُلْتُ: أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنَّهُ قَدْ ظَهَرَ قبلنا ناس يقرءون الْقُرْآنَ وَيَتَقَفَّرُونَ الْعِلْمَ، وَذَكَرَ مِنْ شَأْنِهِمْ وَأَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنْ لَا قَدَرَ وَأَنَّ الْأَمْرَ أُنُفٌ.
قَالَ: فَإِذَا لَقِيتَ أُولَئِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنِّي بَرِيءٌ مِنْهُمْ وَأَنَّهُمْ بُرَآءُ مِنِّي، وَالَّذِي يَحْلِفُ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لَوْ أَنَّ لِأَحَدِهِمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا فَأَنْفَقَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا قَبِلَهُ اللَّهُ مِنْهُ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ. ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعْرِ، لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ وَلَا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ، حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ وَوَضَعَ كفيه على فخذيه وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْإِسْلَامُ أَنَّ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ وَتَصُومَ رَمَضَانَ وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا» قَالَ: صَدَقْتَ، فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ.
قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْإِيمَانِ قَالَ: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ» قَالَ: صَدَقْتَ، فَأَخْبَرَنِي عَنِ الْإِحْسَانِ قَالَ: «أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ» قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ قَالَ: «مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ» قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَمَارَاتِهَا قَالَ: «أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا، وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ» قَالَ: ثُمَّ انْطَلَقَ فَلَبِثْتُ مَلِيًّا ثُمَّ قَالَ لِي: «يَا عُمَرُ أَتَدْرِي مَنِ السَّائِلُ»؟ قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ: «فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ».
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْغُبَرِيُّ وَأَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ قَالُوا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ قَالَ: لَمَّا تَكَلَّمَ مَعْبَدٌ بِمَا تَكَلَّمَ بِهِ فِي شَأْنِ الْقَدَرِ، أَنْكَرْنَا ذَلِكَ.
قَالَ: فَحَجَجْتُ أَنَا وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيُّ حَجَّةً، وَسَاقُوا الْحَدِيثَ بِمَعْنَى حَدِيثِ كَهْمَسٍ وَإِسْنَادِهِ، وَفِيهِ بَعْضُ زِيَادَةٍ وَنُقْصَانِ أَحْرُفٍ.
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ وَحُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَا: لَقِينَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- فَذَكَرْنَا الْقَدَرَ وَمَا يَقُولُونَ فِيهِ، فَاقْتَصَّ الْحَدِيثَ كَنَحْوِ حَدِيثِهِمْ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِيهِ شَيْءٌ مِنْ زيادة، وقد أنقص مِنْهُ شَيْئًا.
وَحَدَّثَنِي حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِ حَدِيثِهِمْ.
هَذِهِ طُرُقُهُ في مسلم بكمالها، وَلَمْ يُخْرِجْهُ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ كَهْمَسٍ فَقَالَ فِي كِتَابِ السُّنَّةِ مِنْ سُنَنِهِ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا كَهْمَسٌ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ فَذَكَرَهُ، وَفِيهِ: لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ وَلَا نَعْرِفُهُ، وَفِيهِ: فَلَبِثْتُ ثَلَاثًا.
وَمِنْ حَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ غِيَاثٍ فَقَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُثْمَانَ بْنِ غِيَاثٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، وَفِيهِ: فَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَزَادَ: قَالَ: وَسَأَلَهُ رَجُلٌ مِنْ مُزَيْنَةَ أَوْ جُهَيْنَةَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فِيمَ نَعْمَلُ، أَفِي شَيْءٍ قَدْ خَلَا أَوْ مَضَى أَوْ شَيْءٍ يُسْتَأْنَفُ الْآنَ؟ قَالَ: «فِي شَيْءٍ قَدْ خَلَا وَمَضَى» فَقَالَ الرَّجُلُ أَوْ بَعْضُ الْقَوْمِ: فَفِيمَ الْعَمَلُ؟ قَالَ: «إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ أَهْلَ النَّارِ يُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ».
وَمِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنِ ابْنِ يَعْمُرَ بِهَذَا الْحَدِيثِ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ: قَالَ: فَمَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: «إِقَامُ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ وَحَجُّ الْبَيْتِ وَصَوْمُ رَمَضَانَ وَالِاغْتِسَالُ مِنَ الْجَنَابَةِ».
وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ وَشَرَائِعِهِ مِنْ مُجْتَبَى سُنَنِهِ فَقَالَ: بَابُ نَعْتِ الْإِيمَانِ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ قَالَ: أَنْبَأَنَا كَهْمَسُ بْنُ الْحَسَنِ، فَذَكَرَ حَدِيثَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ كَلَفْظِ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ حُمَيْدًا وَلَمْ يَذْكُرْ كَلَامَ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ وَلَا كَلَامَ ابْنِ عُمَرَ قَبْلَهُ.
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي أَبْوَابِ الْإِيمَانِ فَقَالَ: بَابُ مَا وَصَفَ جِبْرِيلُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِيمَانَ وَالْإِسْلَامَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَمَّارٍ الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ الْخُزَاعِيُّ أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنْ كَهْمَسِ بْنِ الْحَسَنِ فَذَكَرَ بِمَعْنَى لَفْظِ مُسْلِمٍ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: فَأَلْزَقَ رُكْبَتَيْهِ بِرُكْبَتَيْهِ ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ مَا الْإِيمَانُ؟ ثُمَّ قَالَ: فَمَا الْإِسْلَامُ؟ ثُمَّ قَالَ: فَمَا الْإِحْسَانُ؟ وَفِيهِ كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ لَهُ: صَدَقْتَ.
قَالَ: فَتَعَجَّبْنَا مِنْهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ، قَالَ: فَمَتَى السَّاعَةُ؟ وَقَالَ: فَمَا أَمَارَاتُهَا؟ وَفِي آخِرِهِ: فَلَقِيَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ بِثَلَاثٍ فَقَالَ: «يَا عُمَرُ هَلْ تَدْرِي مَنِ السَّائِلُ»؟ «ذَاكَ جِبْرِيلُ، أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ أَمْرَ دِينِكُمْ» وَفِي نُسْخَةٍ: «مَعَالِمَ دِينِكُمْ».
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ أَخْبَرَنَا كَهْمَسُ بْنُ الْحَسَنِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَهُ بِمَعْنَاهُ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ عَنْ كَهْمَسٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَهُ بِمَعْنَاهُ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، قَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ نَحْوُ هَذَا. وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والصحيح هو عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي بَابِ الْإِيمَانِ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ كَهْمَسِ بْنِ الْحَسَنِ فَذَكَرَهُ كَلَفْظِ التِّرْمِذِيَّ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ حُمَيْدًا وَلَا نَفْسَ الْقِصَّةِ وَلَا كَلَامَ ابْنِ عُمَرَ قَبْلَ الْحَدِيثِ، وَفِيهِ: قَالَ وَكِيعٌ فِي قَوْلِهِ «أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا»: يَعْنِي تَلِدُ الْعَجَمُ الْعَرَبَ.
وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ ابن الْإِمَامِ أَحْمَدَ: حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا كَهْمَسٌ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ حَدَّثَنَا كَهْمَسٌ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ، الْحَدِيثَ.
وَالْحَاصِلُ: أَنَّ رَاوِيَهُ عَنْ عُمَرَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ يَعْمُرَ وَحُمَيْدٌ الْحِمْيَرِيُّ، وَعَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بُرَيْدَةَ وَسُلَيْمَانُ بْنُ طَرْخَانَ، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ كَهْمَسٌ وَمَطَرٌ الْوَرَّاقُ وَعُثْمَانُ بْنُ غِيَاثٍ، وَعَنْ كَهْمَسٍ وَكِيعٌ وَمُعَاذٌ الْعَنْبَرِيُّ وَالنَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ثُمَّ اشْتُهِرَ عن كل من هَؤُلَاءِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

.الْحَدِيثُ بِهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ:

وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- فَهُوَ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ التِّرْمِذِيُّ وَقَدْ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مِنْ طُرُقٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: إِنَّا نُسَافِرُ فِي الْآفَاقِ فَنَلْقَى قَوْمًا يَقُولُونَ: لَا قَدَرَ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: إِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَأَخْبِرُوهُمْ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ مِنْهُمْ بَرِيءٌ وَأَنَّهُمْ مِنْهُ بُرَآءُ (ثَلَاثًا) ثُمَّ إِنَّهُ أَنْشَأَ يُحَدِّثُ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ رَجُلٌ فَذَكَرَ مِنْ هَيْئَتِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ادْنُهْ» فَدَنَا فَقَالَ: «ادْنُهْ» فَدَنَا فَقَالَ: «ادْنُهْ» فَدَنَا حَتَّى كَادَتْ رُكْبَتَاهُ تَمَسَّانِ رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبَرَنِي مَا الْإِيمَانُ أَوْ عَنِ الْإِيمَانِ قَالَ: «تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنُ بِالْقَدَرِ» قَالَ سُفْيَانُ: أَرَاهُ قَالَ: خَيْرِهِ وَشَرِّهِ قَالَ: فَمَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: «إِقَامَةُ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ وَحَجُّ الْبَيْتِ وَصِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ وَغُسْلٌ مِنَ الْجَنَابَةِ» كُلُّ ذَلِكَ قَالَ: صَدَقْتَ، صَدَقْتَ، قَالَ الْقَوْمُ: مَا رَأَيْنَا رَجُلًا أَشَدَّ تَوْقِيرًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ هَذَا، كَأَنَّهُ يُعَلِّمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبَرَنِي عَنِ الْإِحْسَانِ قَالَ: «أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ أَوْ تَعْبُدَهُ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِلَّا تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ» كُلُّ ذَلِكَ نَقُولُ: مَا رَأَيْنَا رَجُلًا أَشَدَّ تَوْقِيرًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ هَذَا، فَيَقُولُ: صَدَقْتَ صَدَقْتَ.
قَالَ: أَخْبَرَنِي عَنِ السَّاعَةِ، قَالَ: «مَا الْمَسْئُولُ عنها بأعلم بها مِنَ السَّائِلِ» قَالَ: فَقَالَ: صَدَقْتَ قَالَ ذَلِكَ مِرَارًا: مَا رَأَيْنَا رَجُلًا أَشَدَّ تَوْقِيرًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ هَذَا، ثُمَّ وَلَّى.
قَالَ سُفْيَانُ: فَبَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْتَمِسُوهُ» فَلَمْ يَجِدُوهُ، قَالَ: «هَذَا جِبْرِيلُ جَاءَكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ، مَا أَتَانَا فِي صُورَةٍ إِلَّا عَرَفْتُهُ غَيْرَ هَذِهِ الصُّورَةِ» وَإِسْنَادُهُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ... إِلَخْ.
وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ: إِنَّ عِنْدَنَا رِجَالًا يَزْعُمُونَ أَنَّ الْأَمْرَ بِأَيْدِيهِمْ فَإِنْ شَاءُوا عَمِلُوا وَإِنْ شَاءُوا لَمْ يَعْمَلُوا فَقَالَ: أَخْبِرْهُمْ أَنِّي مِنْهُمْ بَرِيءٌ وَأَنَّهُمْ مِنَّا بُرَآءُ، ثُمَّ قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ مَا الْإِسْلَامُ؟ فَقَالَ: «تَعْبُدُ اللَّهَ لَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ وَتَصُومُ رَمَضَانَ وَتَحُجُّ الْبَيْتَ» قَالَ: فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَنَا مُسْلِمٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: صَدَقْتَ قَالَ: فَمَا الْإِحْسَانُ؟ قَالَ: «تَخْشَى اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَا تَكُ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ» قَالَ: فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَنَا مُحْسِنٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: صَدَقْتَ قَالَ: فَمَا الْإِيمَانُ؟ قَالَ: «تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْبَعْثِ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَالْقَدَرِ كُلِّهِ» قَالَ: فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَنَا مُؤْمِنٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: صَدَقْتَ.
زَادَ فِي رِوَايَةٍ: وَكَانَ جِبْرِيلُ يَأْتِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صُورَةِ دِحْيَةَ، وَسَنَدُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ... إِلَخْ.
وَفِي أُخْرَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «أَنَّ جِبْرِيلَ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا الْإِيمَانُ؟ قَالَ: أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: صَدَقْتَ قَالَ: فَتَعَجَّبْنَا مِنْهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ، قَالَ: فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ذلك جِبْرِيلُ، أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ مَعَالِمَ دِينِكُمْ» وَسَنَدُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا كَهْمَسٌ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ... إِلَخْ.
وَرِوَايَةٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ وَحُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيِّ قَالَ: لَقِينَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَذَكَرْنَا الْقَدَرَ وَمَا يَقُولُونَ فِيهِ فَقَالَ لَنَا: إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ فَقُولُوا لَهُمْ: إِنَّ ابْنَ عُمَرَ مِنْكُمْ بَرِيءٌ وَأَنْتُمْ مِنْهُ بُرَآءُ (ثَلَاثَ مِرَارٍ) ثُمَّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُمْ بَيْنَمَا هُمْ جُلُوسٌ أَوْ قُعُودٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، جَاءَهُ رَجُلٌ يَمْشِي، حَسَنُ الْوَجْهِ حَسَنُ الشَّعْرِ عَلَيْهِ ثِيَابٌ بِيضٌ، فَنَظَرَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ: مَا نَعْرِفُ هَذَا وَمَا هَذَا بِصَاحِبِ سَفَرٍ. ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ آتِيكَ؟ قَالَ: «نَعَمْ» فَجَاءَ فَوَضَعَ رُكْبَتَيْهِ عِنْدَ رُكْبَتَيْهِ ويديه على فخذيه وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِنَحْوِ مَا تَقَدَّمَ فِي الصَّحِيحِ والسنن، وزاد في آخِرَهُ سُؤَالَ الرَّجُلِ مِنْ جُهَيْنَةَ أَوْ مُزَيْنَةَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ.